الصمت الاختياري
February 15, 2017
الصمت الاختياري عند الأطفال Elective mutism
كثيرا في حياتنا ما نلتقي بأطفال نرحب بهم ونتكلم معهم ونسألهم عن أحوالهم ولكن الغريب أنه مهما طالت هذه الدقائق ولو استمرت لساعات فلن نحصل على إجابة واحدة لأسئلتنا الكثيرة الموجه لهذا الطفل فنتهم هذا الطفل بالتأخر اللغوي ولكن مع تأكيد الوالدين بأن طفلنا أو طفلتنا تمتلك لغة طبيعية تماماً ولكنها لا تتحدث إلا معنا فقط فنحن هنا أمام حالة من الصمت الإختياري وهو عبارة عن حالة من حالات الاضطراب النفسي الكلامي الذي يصيب الاطفال في عمر من 2 - 10 سنوات ، وقد أثبتت الدراسات ان الاناث الصغيرات أكثر عرضة لهذا المرض من الذكور بنسبة 3 ذكور -7 إناث لكل 1000 طفل وهو اضطراب قلق يمنع الطفل من النطق في أوضاع اجتماعية معينة ، منها الحصص الدراسية والأماكن العامة وأثناء التعارف الإجتماعي ، غير أنه يكون قادرا على التحدث بحرية أمام أفراد عائلته وأصدقائه عندما لا يكون هناك أحد آخر يسمعه وقد رأيت إحدى حالات الصمت الإختياري لا يتحدث إلا مع أخيه التوأم فقط وحالة فتاة أخرى يقل عدد الأفراد الذين يسمعونها تتحدث بإستمرار حتى بعد 3 أشهر توقفت عن إستخدام التواصل اللفظي مع جميع الأطفال في محيطها الإجتماعي .. وكثيرا ما يؤثر هذا الإضطراب على التحصيل الدراسي للطفل و صعوبة تكوين علاقات اجتماعية مع الاطفال الاخرين ، واذا استمرت هذه الحالة بعد سن العاشرة دون علاج قد تتحول الى حالة مزمنة يصعب علاجها لدى الطفل .
فما هي الأسباب التي تؤدي بالطفل إلى الصمت ؟
من أهم الأسباب معاملتنا الخاطئة لأطفالنا كالقسوة الزائدة أو التدليل الزائد في معاملة الأطفال مع عدم وجود علاقات إجتماعية للأسرة وضعف ثقة الطفل بنفسه والشعور بالخجل الشديد نتيجة للتنشئة الاجتماعية الخاطئة وقد يرجع الأمر لوجود إحدى اضطرابات اللغة أو النطق أو الكلام كالتلعثم لدى الطفل مما يعرضه للكثير من المواقف الحرجة إجتماعيا وتزيد الشعور بالقلق والاضطراب النفسي فيفضل الصمت وأخيرا المشاكل العائلية والشعور بعدم الاستقرار والامان في بيئته .
وسوف نستعرض الآن أهم مظاهر الصمت الاختياري وكيفية تشخيصه :
من السهل على المختصين تشخيص الصمت الإختياري وتميزه عن حالات التوحد التي لا تمتلك تواصل لفظي أو حالات التأخر والاضطراب اللغوي أو حالات اضطرابات التواصل الإجتماعي العملي وخاصة أنهم يمتلكون مستوى ذكاء طبيعي وأعلى من المتوسط كما أنهم مبدعين ويعبرون بالمشاعر والإنفعالات بشكل جيد وغالبا ما تجدهم مبدعين بالرسم ، ومن أهم مظاهر التشخيص لهذا الإضطراب ما يلي :-
a) أن يلتزم الطفل الصمت عندما يلتقي بالغرباء مهما حاولوا دفعه للتحدث مع التأكيد من قبل الوالدين أو الأخوة أن يتحدث إليهم بشكل جيد .
b) أن يلتزم الصمت عندما يواجه موقفا يثير القلق لديه كترك الطفل مع الاخرين وابتعاد الوالدين عنه .
c) العزوف عن الذهاب الى المدرسة أو الأماكن العامة أو الحفلات العائلية وحبه للجلوس بمفرده لفترات طويلة .
d) وجود حالات من العناد التي تظهر على الطفل كثرة التوتر والعصبية من مواقف لا تستدعي تلك العصبية .
e) إزدياد فترات الصمت مع الوقت وقلة الأشخاص الذين يتواصل معهم تدريجيا .
f) الميل للقلق بكثرة مقارنة بالأشخاص الآخرين ممن هم في نفس العمر.
g) حب الروتين ومقاومة التغيير لأن الروتين يشعره بالأمان أكثر .
h) التحسس من الأماكن الصاخبة والمزدحمة .
العلاج : ينقسم العلاج إلى نفسي وتخاطبي ودوائي:
العلاج النفسي : يقدم العلاج السلوكي المعرفي نتائج جيدة جداً ويكتفى بهذا العلاج فقط في الكثير من الحالات حيث يقوم على تثقيف الأسرة في كيفية التعامل مع الطفل ودعمه ووسائل تشجيعه على التحدث مع زيادة ثقته بنفسه وحل المشكلات الإجتماعية في محيطة وتغيير بيئته بالتدريج وهذا متوافر بمركزنا سيدرا .
العلاج التخاطبي : ويقوم على دفع الطفل لممارسة اللغة مع التعزيز وعلاج الاضطرابات النطقية أو التلعثم أو الخنف الذي قد يكون سببا في عزوف الطفل عن التحدث كما تستخدم فنيات التشكيل للتواصل اللفظي عن طريق التنفس ثم الهمس ثم النطق وممارسة اللغة وهذا متوافر بمركزنا سيدرا .
العلاج الدوائي : أظهرت نتائج البحوث الإكلينيكية أن نتائج استخدام مثبطات ارتجاع السيروتونين كالبروزاك مثلا مشجعة جدا وتعجل من الشفاء وتحسن من أداء الطفل اجتماعيا ودراسيا ولكن لا تعتبر الأدوية عند استخدامها علاجاً كاملاً للشخص المصاب بالصمت الاختياري ولذلك فإن العلاج التكاملي ( النفسي – النطقي – الدوائي ) يعد الأفضل ولإتخاذ الخطوات الصحيحة لابد من التوجه إلى المختصين في هذا المجال للتشخيص الصحيح الذي يعتبر الخطوة الأولى من علاج مثل تلك الحالات .
بقلم / حسام فتوح
أعجبك المحتوى؟ شاركه مع أصدقائك!