التلعثم ......الجبل الجليدي
January 18, 2017
التلعثم ......الجبل الجليدي
قد يصدم عنوان المقال الكثير من القراء سواء المختصين بمجال علاج اضطرابات النطق والكلام أو من يعانون من مشكلة التلعثم أو حتى القراء العاديين وحتى أذيل أثار الصدمة من العنوان أحضرت لكم صورة لجبل جليدي يطفو على سطح الماء ويظهر واضحاً أن ما نراه يطفو على سطح الماء هو أقل بكثير من الجزء الذي لا نراه والموجود تحت سطح الماء كذلك اضطراب التلعثم تماماً فما نراه هو التوقف أو التكرار في الأحرف أو الكلمات الأولى عند النطق بها ، ولكن ما لانراه هو الصراع الداخلي والإحتراق النفسي ومشاعر الخوف والقلق والتوتر والخبرات السيئة ومواقف الإحراج المتكررة والإنسحاب وضعف الثقة بالنفس ........وهذا ما يوجد تحت السطح .
وعلمياً كلما بدأ الجبل الجليدي في الذوبان كلما خف الضغط على الجزء السفلي وبدأ يبرز على السطح فيذوب بالتدريج إلى أن يختفي
تماماً وكذلك علاج التلعثم ولكن قبل أن نعرض طرق العلاج المختلفة سنعرض سريعا ما هو التلعثم وما هي أسبابه ومظاهره .
أولاً : تعريف التلعثم Stuttering & Stammering:يعرف التلعثم بأنه اضطراب في إنسيابية الكلام وطلاقته ويتميز إما بالتوقف اللاإرادى عن الكلام أو التكرار أو إطالة الحروف والكلمات ويعانى المتلجلج مجاهدة لإخراج الكلمات ، مما يؤدى به إلى الإحجام عن المواقف التى يتوقع أن يتلجلج فيها.
ثانياً : نسبة حدوث التلعثم : يمتلك اضطراب التلعثم نسب حدوث كبيرة فيصيب عدد كبير من أفراد المجتمع بنسبة % 1 أي أن من كل 100 شخص يوجد فرد متلعثم وتكون بنسبة ( 4-1 ) بين الذكور والإناث كما تزيد نسبةحدوثه بين إفراد العائلة التي يوجد بها تاريخ لإصابة احد أفرادها بالتلعثم أكثر ثلاثة مرات من العائلات التى لم يوجد فيها تاريخ لحدوث التلعثم سابقاً .
ثالثاً : أسباب حدوث التلعثم : يوجد الكثير من النظريات والأبحاث التي تفسر حدوث حالة التلعثم وسوف نستعرض البعض منها للمعرفة فقط فمنها
من يرجع التلعثم للعوامل الوراثية : ويعتقد أصحاب هذا المنحى أنه هناك علاقة بين التلعثم والجينات الوراثية ، أى أنها توجد بين أكثر من جيل في الأسرة الواحدة ويتخذ أصحاب هذا المنحى تأييد لوجهة نظرهم ازدياد نسبة التلعثم بين الأفراد من العائلة الواحدة والأفراد الذين يستخدمون اليد اليسرى وبين التوائم المتماثلة
ومن يرجعها لعوامل النفسية الإنفعالية :ان المتتبع لحالات التلعثم يجد بأن هذه الحالات تظهر وتشتد في مواقف وظروف نفسية انفعالية معينة مثلاً فإن المتلعثم إذا كان بمفرده فإنه يتكلم بشكل عادى أما إذا كان أمام الآخرين فأنه يتلعثم وهذا يرجع لأنها حالة عصابية بسبب الصراع النفسى وعوامل الحرمان العاطفى والبعض الآخر ينظر إليها تبعاً لاعتبارات تحليلية أو اجتماعية كاستجابة اجتماعية مرضية والعوامل الأساسية المساهمة في ذلك القلق والخوف المرتبطان بخبره مؤلمة عاشها الطفلوهناك نظرية التحليل النفسى التى تنظر إلى اللجلجة باعتبارها نكوص إلى الطفولة حيث التثبيت في المرحلة الفمية ( من مراحل الليبدو ) وإلى الارتباط بين الكلام والنزعات العدوانية نحو الأبوين مثل العض ، القضم .
وهناك من يرجعها لسبب عضوي : بوجود خلل في الإدراك السمعي حيث يتلقى الأفراد معلومات مرتدة خاطئة أو مضللة عن حديثهم الخاص، أو بالأحرى تأخر في وصول المعلومات المرتدة في الأذنين ، وهي ما تعرف بنظرية التداخل السمعي
وهناك نظرية الهيمنة الدماغية : حيث لم يطور أحد نصفي الدماغ للتأثير اللازم للحديث المناسب فيتداخل عمل النصفان في إنتاج الكلام فيحدث التلعثم .
نظرية دورة «الفا» المستثارة:يرى جلازر (1963) أن القشرة المخية متصلة بالتكوين الشبكى الذى يستقبل روافد حسية وبذلك يكون هناك علاقة بين تخطيط كهربائية القشرة ويقظة الفرد أثناء استقبال منبه حسى أو سمعى أو بصرى أو عقلى، وعندما تختلف ترددات خلايا الدماغ فإن توقيت استثارتها يختلف، مما يعنى وجود خلية أو أخرى من خلايا الدماغ فى حالة نشاط مما يؤدى لسرعة الاستقبال الحسى، أى سرعة الفعل الحركى للكلام.
أما عندما تتساوى ترددات هذه الخلايا فإنها تستثار أو تثبط فى وقت واحد مما يؤدىلاضطراب فى استقبال المؤثرات الحسية والرد عليها، أى وجود اضطراب وعدم توافق بين المنبه الحسى ورد الفعل الكلامى مما يؤدى لتكرار الأصوات فى صورة انشطار داخلى للفونيوم وهو مما يدل على وجود تلعثم، حيث يحاول المتلعثم التوفيق الكلامى بين موجات الصوت فى كلامه وبين موجة ألفا المستثارة من المنبه الحسى.
وهناك أسباب أخرى مثل : تأثير العوامل النفسية على الآلية العضوية لإنتاج الكلام والنظرية الشائعة إلى حد ما هي وجود اضطراب في التوقيت، وتعني أي تشويش في توقيت حركة أي عضلة لها علاقة بالكلام، بما في ذلك الشفاه والفكين واللسان ينتج التلعثم .. وهناك خلل في الارتباط الدقيق بين الأصوات والمقاطع تنتج تشويهات الكلمة عن أي خلل في الدقة المتناهية في التوقيت اللازم للحديث المنساب أو في تعارض ذبذبات المخ الكهربائية أثناء النطق إن توقعات الأبوين غير الواقعية تؤدي إلى ضغوط على الأطفال ترفع من قلقهم كما أن محاولة تغيير عادة استخدام اليد اليسرى لدى بعض الأطفال تؤدي إلى التلعثم، ذلك أن الجزء من المخ المسؤول عن التحكم في الكلام يتصل اتصالاً وثيقاً بالجزء المتحكم في حركة اليد المفضلة في الاستعمال وبناءً على ذلك يؤدي إرغام الأم لطفلها على استعمال اليد الخطأ إلى إرباك الجزء العصبي المسؤول عن التحكم في الكلام والحديث والكلمات الموجودة في المخ، وإلى ظهور التلعثم بالتبعية. وهناك بعض الأطفال لا يبدو عليهم التلعثم إلا عند الإثارة والتوتر فقط مثل غياب الأم، دخول طفل جديد إلى العائلة، الانتقال إلى بيت جديد. ويمكن أن يعود إلى المغالاة والإسراف في تدليل الطفل، أو عدم الاهتمام بالطفل بالشكل السليم المطلوب
كيفية تشخيص اضطراب التلعثم :
يعتبر تشخيص التلعثم من الأمور السهلة جداً ومن السهل على الشخص العادي ملاحظته ولكن هناك مجموعة من المقاييس التشخيصية التي تهتم بتحديد الشدة والدرجة معرفة صورة وشدة اللجلجةوتحديد العوامل التى تساعد على معرفة المآلللشخص المتلعثمووضع الخطة المثلى للبرنامج العلاجى ومتابعة التحسنوتعتمد عادة العملية التشخيصية على أخذ التاريخ المرضى كاملا وتقييم الذكاء والقدرات العقلية وتشخيص معدل حدوث التلعثم معتمدا على عدد المقاطع والكلمات فى الدقيقة ومعدل حدوث التكرار أو الإطالة في هذه الكلمات خلال الدقيقة ويتم قياس الشدة بحساب الوقت التي تستغرقة لحظة التلعثم والعلامات الفسيولوجية المصاحبة لحدوثه من سرعة ضربات القلب وأحمرار الوجه والعصبية وحركات لا إرادية في العين والفم والبطن .....وغيرها من العلامات التي تصدر أثناء التلعثم كما يوجد الكثير من المقاييس لتحديد وتشخيص التلعثم مثل مقياس فان ريبر الأختبارات الشخصية التى تمكن الأخصائى من الوقوف على سمات شخصية التلعثم ومستوى التوافق النفسى الأجتماعى لديه والكشف عن المشكلات التى قد يعانى منها المتلعثم بشكل عاماختبار للصغار C.A.T .،T.A.T
اختبار للكبار، كما هناك تشخيص بالمحكات وأحدثها هو تشخيص الدليل الإحصائي الخامس DSM-5للإضطرابات
الذي حدد عدة معايير للتشخيص منها وجود اضطراب في سلاسة الكلام يشمل واحد أو أكثر من هذه الخصائص ( التكرارللكلمات – تمديد الصوت – أو التوقف ضمن الكلمة – تحدث مع توتر جسدي – أو اطناب ويقصد به استعمال كلمات بديلة لتجنب الكلمات الإشكالية ) ويسبب هذا الإضطراب القلق حول التحدث وأن تبدأ الأعراض في فترة الطفولة وأن لا ينسب هذا الإضطراب إلى عجز حسي أو حركي أو عصبي
العلاج :
تتنوع العلاجات المتقدمة للمتلعثم بسبب تداخل المشكلة ولكن أهم العلاجات هي العلاج التخاطبي والنفسي والدوائي وسوف نتناول ذلك بإيجاز :
العلاج النفسى : ويقوم غالباً على استراتيجيات خفض التوتر و أساليب صرف الانتباهمثل إمساك كرة في اليد اليسرى وتحريكها أثناء التحدث وتستخدم أيضا استرتيجية التحصين التدريجي ، والفكرة الرئيسية التى يقوم عليها الاسلوب العلاجى هو إزالة الاستجابة المرضية ( الخوف) تدريجيا من خلال تشجيع المريض على مواجهة مواقف الخوف تدريجيا إلى ان تتحيد مشاعره الانفعالية الحادة والخوف نحو الكلام .
العلاج الدوائي : وجد الأطباء أن الأدوية التي تستعمل لعلاج القلق والتوتر أنها مفيدة للتقليل من حدة التلعثم ، مثل عقار زبركساZyprexa) ) الذي وجد أن استعماله بجرعة صغيرة يساعد كثيرًا في علاج التلعثم وأيضاً دواء باكسيل Paxil) ) الذي يزيل من أعراض الخوف والتوتر ويساعد على الإسترخاء أثناء التحدث .
العلاج التخاطبي : يستخدم أخصائي النطق واللغة عدة طرق لعلاج التلعثم ولكن على الأخصائي إختيار الطريقة المناسبة لعلاج الحالة التي أمامه حسب شدة ودرجة التلعثم وعمر المتلعثم والعلامات الفسيولوجية المصاحبة للتلعثم ، ومن هذه الطرق طريقة المضغ CHEWING METHOD وفنيات تغييرنوع الإضطراب فإذا كان يكرر عليه أن يطيل وبالعكس وفنية الكلام وفق زمن محدد مما يجعله يبطأ في حديثه وطريقة التظليل بالضوضاء حيث أن التلعثم يقل عندما يكون المتلعثم لا يسمع تلعثمه ، واستراتيجية الكلام الايقاعي وتقوم هذه الطريقة بناء على ملاحظة أن درجة التلعثم تنخفض حين يتكلم المتلعثم بطريقة إيقاعية أكثر ، وأهم الطرق هي العلاج بتأخر التغذية المرتده السمعيةوطريقة التحكم فى التنفسعن طريق التدريب على التنفس الباطني وفي النهاية مشكلة التلعثم لها حل ولكنها تحتاج لمزيد من الوقت والتعاون مع المعالجين والتوجه إلى المختصين هي الخطوة الأولى في العلاج .
إعداد وتقديم أخصائي النطق واللغة
حسام فتوح عبد السلام شرارة
أعجبك المحتوى؟ شاركه مع أصدقائك!