التوحد من منظور مختلف
November 20, 2016
التوحد من منظور مختلف
منذ أن تحدث بلولير عام 1911عن الانسحاب الاجتماعي لدى بعض المصابين بالفصام الطفولي ومنذ أن أطلق ليو كانر لفظة التوحد عام 1943على مجموعة من الاطفال مصابة بالتخلف العقلى عندما وجد أن سلوكهم يتميز بالانغلاق الكامل عن الذات و الانعزال عن كل ما حولهم حتى اقرب من يحيطون بهم ( وهذا يختلف بالطبع عن سلوك ذوي الاعاقة الذهنية ) أصبحت لفظة الطفل التوحدي أو الذاتوي من أهم المصطلحات المستخدمة في عدة مجالات منها علم النفس والتربية الخاصة مع تشعبها ومجال الطب النفسي والتغذية ............وقد يرجع السبب في ذلك إلى
1- الزيادة المستمرة في أعداد التوحديين حول العالم
جدول يوضح أزدياد نسب التوحدين مقارنة بالسنوات الماضية
عام المراقبة | نسبة الانتشار |
عام 2000 | 1من بين 150 طفل |
عام 2004 | 1من بين 125 طفل |
عام 2006 | 1من بين 110 طفل |
عام 2013 | 1من بين 88 طفل |
عام 2015 | 1من بين 68 طفل |
المصدر مركز رصد وسيطرة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية CDC
وتؤكد التقارير العالمية أن حول العالم 67 مليون شخص يعانون من اضطراب التوحد وفي عالمنا العربي نستعرض 3 دول وهم مصر والسعودية والإمارات ففي مصر تشير التقارير إلى وجود 800 ألف طفل توحدي و120 ألف طفل في السعودية وزدادت في الآونة الاخيرة في دولة الإمارات نسبة المصابين بمرض التوحد، حيث ارتفعت النسبة المعلنة بين الأطفال حديثي الولادة لتكون حالة بين كل 88 مولودًا، بنسبة 1.1٪ من مجموع المواليد، بعد أن كانت حالة بين كل 110 مواليد، بنسبة 0.9٪.
وعند مقارنتنا لنسب انتشار اضطراب التوحد مع الإعاقات الأخرى نلاحظ أن هناك فارق واضح, يدل على أن التوحد هو احد الإعاقات النمائية الأكثر والأسرع انتشاراً بين مختلف الإعاقات الأخرى, فنسبة انتشار سكري الأطفال تصل إلى إصابة لكل 500 حالة, ومتلازمة داون إصابة لكل 800 حالة, كما أن اضطراب التوحد أكثر شيوعاً من سرطان الطفولة والذي يمثل إصابة لكل 300 إصابة, وأكثر من الشلل الدماغي (إصابة لكل 275 حالة), وأكثر من الإعاقة السمعية (إصابة لكل 999 حالة), وأكثر من حالات الإعاقة البصرية (إصابة لكل 1111 حالة )
2- عدم وجود إتفاق من قبل المختصين حول الأسباب المؤديه للتوحد
ولذا يواجه كل من يعمل مع التوحد معضله التشخيص وقد ظهرت العديد من النظريات والدراسات التي تفسر حدوث التوحد ولكنها بالرغم من كثرتها إلا أنها تفتقد لمبدأ التعميم فقد تصدق النظرية التفسيرية وتقدم سبباً واضحاً على بعض أطفال التوحد ولكنها تصبح خاطئة تماماً على بعض الأطفال الآخرون ومن أهم هذه النظريات التي تحدد الاسباب المحتملة المؤدية لاضطراب التوحد النظرية الوراثية وترى وجود جينات مسؤولة عن التوحد والنظرية البيئية وترى وجود أسباب كمشكلات الحمل والاصابة بالفيروسات والتسمم وهناك النظرية العصبية وإختلاف شكل مخ ومخيخ التوحديين عن العاديين مع وجود خلل أيضاً في عمل الناقلات العصبية بأنواعها المختلفة مثل الدوبامين والسيروتونين وغير ذلك من النظريات الكثير .........
ولكن دعونا نستعرض تفسير جديد لاحتمالية حدوث التوحد يفتح أفاقا جديدة للبرامج العلاجية والتقدم في إجابات مقنعة للعديد من التساؤلات حول التوحد .
يتفق جميع المتخصصون في مجال الطب النفسي والإعاقات على التأثير القوي والمباشر لاضطراب التوحد على التواصل سواء كان لفظيا أو غير لفظي وعلى النشاط الاجتماعي للطفل التوحدي وعلى قدرته على التخيل وعند النظر لكل عملية من العمليات السابقة نجد أن هناك عامل مشترك بينهم وهو عدم وجود مركز واحد متخصص في الدماغ يقوم بأداء أي من العمليات السابقة فاللغة على سبيل المثال يوجد لها أكثر من مركز في الدماغ تنتقل الاشارات العصبية بينها لتؤدي وظيفة اللغة فيسافر الصوت كنبضات عصبية إلى منطقة فيرنيك حيث ستحلل ثم تنتقل لمنطقة بروكا حيث تجمع الاستجابة اللغوية في تسلسلات ثم تنتقل إلى القشرة الحركية التي ترسل إشارات لعضلات النطق فيحدث الكلام وهناك اكتشافات حديثة تدل على اشتراك أكثر من نصف الدماغ لإنتاج اللغة ، وكذلك عملية التخيل التي أكد علماء وباحثين في جامعة دارتموث بالولايات المتحدة الأمريكية في دراسة جديدة أن الخيال البشري يتطلّب شبكة عصبية على نطاقٍ واسع بالدماغ تسمى بمنطقة العمل الذهني وفي دراسة جديدة بجامعة ويسكونسن ماديسون لبحث آليات عمل المخ عند معالجة الواقع والخيال ، تبين أن الفارق الوحيد يكمُن في اتجاه تدفُّق الإشارات العصبية عبر المخ فوجد الباحثون أنه عند التخيُّل تتدفق الإشارات من الفص الجداري للمخ إلى الفص القذالي لكن عند تعرُّض المشاركين لمعلومات واقعية مثل مشاهدة فيلم كانت المعلومات تتدفق في الاتجاه المعاكس من الفص القذالي إلى الفص الجداري ، وكذلك الاجتماعية عند البشر هي نتيجة عمليات نفسية تتحكم فيها أفكارنا ومدى فهمنا لقواعد العلاقات وديناميكية الأدوار نتيجة لفهم وتحليل الحاجات والانفعالات في العديد من مراكز الدماغ ، من العرض السابق نستطيع ان نستنتج أن التوحد عبارة عن اضطراب معقد ينتج عن اختلال العلاقة بين مراكز الدماغ المختلفة فكل مركز يؤدي وظيفته فقط في عقل التوحدي ولذلك نجد أنه يستطيع السمع ولكن لا يستطيع الاستجابة للنداء الفرق هنا ان السمع يحتاج عمل مركز واحد ولكن الاستجابة بالإلتفات مثلاً عند سماع الاسم تحتاج لتكامل مراكز السمع ومنطقة فيرنيك ومنطقة القشرة الحسية لتحديد إتجاه المثير ومنطقة القشرة الحركية لتوجية الرأس او الجسم ناحية المثير .
أهمية هذه النظرة لمرضى التوحد ؟
هذا الفهم التحليلي سيساعدنا في تحديد والاتفاق حول تعريف واحد لإضطراب التوحد كما سيساعدنا للوصول إلى إجابة حول تساؤلاتنا
لماذا كل طفل توحدي يختلف عن الآخر ؟
فمن المنطق أن يحدث اختلاف بسبب اختلاف البشر في تطوير بنية أدمغتهم والعلاقة بين المراكز على ضوء اختلاف المصادر المتاحة وطريقة التعامل والتدريب .
كما سيساعد للرد على تساؤل لماذا الطفل التوحدي غير قابل للشفاء ؟
وستكون الاجابة مباشرة فمن المعلوم أن خلايا الدم في جسم الانسان تموت ويتم تخليق غيرها داخل نخاع العظم وبالتالي ستبدل خلايا الدم الحمراء الحاملة للأكسجين في جسم الانسان بشكل كامل كل ٤ أشهر ، وعلى العكس تماماً في خلايا الدماغ لاتتجدد ولذلك خلق الله عدد لامتناهي منها في أدمغتنا والسبب في عدم تجددها أنها إذا تجددت ستنسى كل ما تعلمته كل أربعة أشهر وستعيش إنسان جديد تماماً كل أربعة أشهر وبذلك لا تستقيم الحياة ولهذا يظل الخلل في تفاعل مراكز الدماغ لدى التوحدي من الميلاد إلى الموت .
إذاً ما فائدة التدريب والتعلم ؟
للتدريب والتعلم فائدة كبيرة لأنه يزيد من ترابط المراكز وتواصلها نتيجة لدونة الدماغ البشري ولكنه لا يغير في تكوينها أو تجديدها وبزيادة هذا الترابط تختفي الكثير من أعراض التوحد .
هل قدمت هذه الفكرة سبباً للتوحد ؟
عززت هذه النظرة نظرية الطب الصيني عن أسباب حدوث التوحد حيث تشير إلى أن المخ هو محيط النخاع والكليتين تهيمن وتنتج النخاع بالنسبة للأطفال التوحديين استنادا إلى الفرضية الطبية الصينية فان التوحد الذي يحدث أثناء الحمل يعزى إلى مشكلة في وظيفة الكلى لدى الوالدين والتي ربما تكون عن طريق الأم وأحيانا الأب ويشير الأطباء الصينيون انه عندما تكون لدى الأم كلية ضعيفة فان الجسم لا يمتص فيتامين B6 بطريقة فعالة وإن نقص فيتامين ب6 وبعض العناصر الحيوية يعوق عمليات إمتصاص B12 مما يعوق بناء ونمو المخ .
ورقة عمل إعداد مركز سيدرا لذوي الاحتياجات الخاصة بعجمان
أعجبك المحتوى؟ شاركه مع أصدقائك!