كيف يفكر الطفل التوحدي؟؟؟
April 2, 2017
بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بإضطراب التوحد 2 إبريل 2017
كيف يفكر الطفل التوحدي؟؟؟
ليتنى أعرف ما يدور داخل هذا الطفل وكيف يفكر وبماذا يشعر وكيف يرى العالم من حوله ؟
هكذا يتمنى كل من يتعامل مع الطفل التوحدى أو الذاتوى إن أى أخصائى أو مدرس أو أب أو أم يتعامل مع هذا الطفل يجد نفسه فى حيرة دائمة، فمرة نجده يفهم جيدا ومرة أخرى نجده كأنه لا يفهم شيئا على الإطلاق، مرة نفعل أمامه شيئا فيفرح، ومرة أخرى نفعل الشىء نفسه فيصرخ ويبكى، مرة ينفذ ما يطلب منه على وجه الدقة ومرة أخرى نجده ينفذه بشكل خاطئ وهكذا دائما الطفل التوحدى أو الذاتوى متقلب المزاج وقد يرجع ذلك لأنه لا يستطيع التواصل معنا بشكل طبيعي حاولت في سنواتي العشر بالمجال أن أتأمل حالات التوحد التي تشغلني كثيراً أكثر من أي إعاقات أخرى لأن بها الكثير من الغموض والمغامرة ولذة النجاح ، وكانت تأملاتي تهدف للوصول لفهم أعمق لهذا الإضطراب ولكني أشعر أنني بحاجة لعشر سنوات أخرى حتى أجيب على السؤال الذي طرحته في عنوان مقالي ويرجع ذلك لكون كل حالة مستقلة بذاتها فلا أكذب عندما أقول أنني لم أرى حالتين توحد متماثلتين تماماً إلى الآن
ولذلك قررت أن أجعل أحد التوحدين يتكلم إليكم ويجاوبني ويجاوبكم على ما نريد معرفته عن التوحد وبماذا يشعر وكيف يفكر؟
high functioning autism تقول تامبل جراندن وهي من ذوي اضطراب الذاتوية
وهي حاصل على درجة الدكتوراة في "علم الحيوان " لقد كان ينتابني إحباط شديد لكوني لا أستطيع الكلام ، لقد كنت أعرف ماذا أريد أن أقول ولكنني لا أستطيع إخراج الكلمات لقد كانت تهرب مني لذلك كنت فقط أصرخبشدة وخاصة أنني كنت اسمع الصوت أكثر ارتفاعا من حقيقته ان سمعي يشبه تماما استعمال سماعة أذن لتكبير الصوت مع وضع مؤشر الصوت على أقصى درجات الارتفاع ، أو مثل ميكروفون يلتقط كل الأصوات ، وعندي خيارين : اما أن أترك الميكروفون يعمل وأنزعج بالصوت ، أو أن أوقفه عن العمل ، كانت أمي تقول أني أحيانا كنت أتصرف مثل الصماء تماما ، بينما أظهرت قياسات السمع أن سمعى طبيعي تماما ، وأنا عموما لا أستطيع أن أقلل من كمية الصوت التي تذهب الى أذني ولذلك أضع يدي عليها لأنها كانت تؤلمني
- وهذا ما يفسر لنا لماذا يضع التوحدي يديه على أذنه في أماكن الضوضاء ولماذا يتعلم بشكل أفضل عندما نتكلم معه بصوت خافت ونقلل من سرعة كلامنا معه ولماذا يبدو أحيانا كطفل أصم لا يسمعنا خاصة عندما ننادي عليه
كنت اتسائل لماذا يحب الأطفال التوحديين سماع القرآن بإنصات ولماذا جميعهم يفضلون لإستماع للطرب الأصيل وبرغم من ذلك ليس لهم مقدرة عالية على التمييز السمعي وإعادة إيقاع ولو كان بسيط بعد سماعه لماذا كانوا يعزفون خارج السرب أثناء الطابور المدرسي أو أثناء النشيد الوطني وتجيب جراندن على أسئلتي وتقول
خلال مرحلة المدرسة الأولية كان كلامي غير طبيعيا تماما ، وكنت أستغرق وقتا أطول من باقي الأطفال في اخراج الكلمات من فمي ، ولكن الغناء كان سهلا بالنسبة لي ، وكان صوتي جيدا فكنت أستطيع ترديد أي لحن بمجرد سماعة مرة أو مرتين كما كنت أحلق بعيدا بمجرد سماعي للنغمات ، ولكني لا أزال أعاني حتى الآن من مشاكل مع الايقاع ، فأنا أستطيع أن أصفق ايقاعا محددا مع نفسي ، ولكني لا أستطيع ضبط تصفيقي مع آخرين في ايقاع محدد .
-و هذه الظاهرة تنبه لها الباحثون أثناء عزف أطفال التوحد على البيانو ، ومشاكل الايقاع هذه مرتبطة ببعض مشاكل الكلام عند أطفال التوحد ، حيث يتحرك الأطفال الطبيعيون بتناسق مع كلام الكبار ، بينما يفشل أطفال التوحد في القيام بذلك ، كما وجدت بعض الدراسات أن أطفال التوحد والمصابين بالتأتأة لديهم ضعف في الحركات التوافقية، ويرجع ذلك لأن لديهم أذن تسمع الصوت أسرع من الأذن الأخرى بحوالي ثانية واحدة ، وقد يفسر هذا بعض مشاكل الكلام عند التوحديين مثل الصدوية Echolalia.
- وهذا يجعلنا نفهم الكثير عن كيفية التعامل مع التوحدي حيث أن علينا أن نبطء من سرعة كلامنا معه وأن نضع وقفات بين جملنا وأن ننتظر حين نصدر له أمراً ما ولا نستعجل بتكرار نفس الأمر أو إعطاءه أمر آخر دون الإنتهاء من الأمر السابق .
وكنت أتسائل أيضاً لماذا لا يفهم الشخص التوحدي مهما كانت درجة ذكاءه أو امتلاكه للغة ما نهدف إليه من كلامنا معه أي ما وراء كلماتنا ( التورية ) وتقول جراندن عن ذلك أيضاً .
كان يتهمنى بعض الناس بمقاطعتهم عندما يتكلمون ، حيث أن متابعتي لايقاع المناقشة وارتفاع وتيرتها شيء صعب جدا علي لأنني أعتمد على الأصوات التي اسمعها ولا أرى تعبيرات وجه من يتحدث معي وبما أن الصور هي لغتي الأولى والمفضلة والكلمات هي لغتي الثانية والأسماء عندي أسهل من الأفعال لذلك لا أستطيع أن أعرف جيدا ما الذي يريده الشخص لأنني أعالج كل كلمة على حدة وليست مجموعة كلمات متصلة ببعضها
ولماذا يضع يديه على أذنه ولماذا يهرب ويركض ذهاباً وإياباً ولماذا يصرخ أحياناً ولماذا لا تتطور اللغة واستخداماتها ؟
الشخص التوحدي يسمع جيداً ولكنه يتعامل مع ما يسمعه (المثير السمعي) بصورة مختلفة عن الآخرين فالأصوات التي نسمعها والتي تكون طبيعية بالنسبة لنا هي غير ذلك بالنسبة له فقد يسمع الصوت العادي كأنه صوت يخرج من مكبر صوت بجوار أذنيه وبالتالي لا يفهم ولا يستجيب بل إن الأصوات تجعله عصبي ومتوتر جداً ، لذلك قد نرى بعض الذاتويون يضعون أصابعهم في آذانهم أو يضعون كفي اليدين على الأذنين وبالتالي فالشخص الذاتوي يكره الأصوات ولديه مشكلة تتعلق بالاصوات ولا يحب التعامل معها وبالتالي لايفضل إستخدامها أو يستخدمها في أضيق الحدود ( كلمات محدوده )
وفهم الكلام بالنسبة للشخص الذاتوي أمراً في غاية الصعوبة ويستلزم مجهوداً كبيراً منه لفهم المطلوب وهو حينما يقوم بهذا المجهود الكبير قد يُصاب بالصداع أو التشويش ، أو الاستفزاز ولذلك قد يلجأ إلى الجري والتحرك في المكان ذهاباً وإياباً لعله يتخلص من هذا التشويش والصداع ولذلك يفقد تركيزه ولا ينتبه لشيء فقط يريد أن يقول ( اصمتوا )
وهذا يدفعنا لمعرفة ما الذي يحدث في دماغ الطفل التوحدي ليعالج اللغة ؟
حينما يسمع الشخص العادي كلمة أو جملة تذهب هذه الكلمة إلى مركز السمع ثم تترجم هذه الكلمة ثم يتم استدعاء بعض المعلومات عن هذه الكلمة من مركز الذاكرة السمعية بالاضافة إلى استدعاء بعض المعلومات البصرية من مركز الذاكرة البصرية الذي يرسل معلومات مصاحبة للكلام الذي سُمع (جميع مراكز الذاكرة تحتوي على قريبة المدى وبعيدة المدى) ثم يذهبان معاً إلى مركز التفكير ويقوم المخ بترجمة المعلومات والبيانات القادمة ثم يحدد رد الفعل المناسب لها سواء حركيا أو لفظيا أو كلاهما معا
كل هذا يحدث مع الشخص العادي ولكن مع الشخص التوحدي فالأمر مختلف فقد يُصدر مخه الأمر برد الفعل دون المرور بكل العمليات السابقة أو ببعضها ، فيقول أحد التوحديين
لا أعرف كيف يستقبل ويفهم الشخص الآخر حديثكم ولكنني عندما أسمع أحدهم يقول لي شجرة أسمعه جيدا وأشعر أنني أبحث عن معنى هذه الكلمة في رأسي وعنئذ تحضرني صور عديدة للأشجار وأفكر هل هي صفراء أم خضراء هل هى مثمرة أم لا هل شجرة كبيرة أم صغيرة وعندما أصل إلى قرار وأوقف التفكير تكون هناك عشرات من الكلمات قد استقبلتها
وإذا كان هذا الشخص ذات 16 ربيعا يحتاج لوقت ليفهم معنى كلمة واحدة فكم من الوقت يحتاج ليفهم جملة أو موضوع ما ؟؟؟
وعلى حد تعبير توحدي آخر أشعر بأن الكلمات كالمطر أو كطلقات الرصاص فأهز رأسي أو أضربها لأقول لها أخرجي وكنت أفضل أن أرى صورا بدلا من الكلمات .
إن الشخص الذاتوي يواجه مشكلة أو مشاكل عديدة حول هذا الموضوع وقد تتواجد هذه المشاكل في مركز التمييز السمعي (الحس السمعي) أو تكون في الذاكرة السمعية أو البصرية وقدتكون في مراكزالتفكير نفسه (حيث لا توجد عملية ربط صحيحة بين المعلومات والحواس أي المستقبلات ) وقد تكون المشكلة في عملية التتابع أي ربط المثير السابق باللاحق وهذا ما يجعل الطفل التوحدي لا يلتفت علي النداء عليه حتى لو صرخنا ولكنه كما تؤكد جراندن ( كنت أسمع صوت التكييف كأزيز الطائرة ) عندئذ نستطيع أن نتعرف على طبيعة هذا الطفل الذي يحتاج منا بشكل دائم إلى الفهم ومراعاة مشاعره وتقبل تقلباته وأسرد العبارة التي قالتها جراندن لأنها توضح لنا الكثير حول هذا التناقض تقول ( أنا أكون في أمس الحاجة للإحتضان وعندما يحاول شخص فعل ذلك أتنى لو لم يفعل )
قدمت لكم بعض ما قرأت ورأيت ولكنني مازلت أحتاج للمزيد لأفهم هذا الطفل الذي أطلقنا عليه لفظ متوحد وختاما أضع بين أيديكم التوصيات التي قالتها تمبل جراندن نفسها لكي تساعدنا في فهم كيفية التعامل مع هؤلاء الأطفال التوحديين :
1-يفكر كثير من الأشخاص المصابين بالتوحد باستخدام التفكير المرئي، حيث أفكر باستخدام الصور، بدلاً من اللغة أو الكلمات. حيث تبدو أفكاري كشريط فيديو أراه في مخيلتي. فالصور هي لغتي الأولى، والكلمات لغتي الثانية. كما أن تعلم الأسماء أكثر سهولة من تعلم الأفعال ، حيث يمكنني أن أكون صورة في مخيلتي للاسم، بينما من الصعب عمل ذلك بالنسبة لغير الأسماء. كما أنصح المعلمة أو المعلم بعرض الكلمات بصورة واضحة للطفل، وذلك باستخدام الألعاب مثلاً.
2-حاول تجنب استخدام كلمات كثيرة وأوامر أو تعليمات طويلة. حيث يواجه الأشخاص المصابين بالتوحد مشكلات في تذكر تسلسل الكلمات. وذلك يمكن كتابة التعليمات على الورق إذا كان الطفل أو الشخص يستطيع القراءة.
3- لدى كثير من الأطفال المصابين بالتوحد موهبة في الرسم، والفن، أو الكمبيوتر. حاول تشجيع هذه المواهب وتطويرها.
4- قد يركز الأطفال المصابين بالتوحد على شيء ما يرفضون التخلي عنه، كلعب القطارات أو الخرائط. وأفضل طريقة للتعامل مع ذلك هي استغلال ذلك من أجل الدراسة، حيث يمكن استخدام القطارات، مثلاً، لتعليم القراءة والحساب. أو يمكن قراءة كتاب عن القطارات والقيام بحل بعض المسائل الحسابية استخدام القطارات، كعد مثلاً كم كيلومتر يفصل بين محطة وأخرى.
5- استخدم طرق مرئية واضحة ومحسوسة لتعليم مفهوم الأرقام.
6- يواجه كثير من الأطفال المصابين بالتوحد صعوبات في الكتابة، بسبب صعوبات في التحكم بحركة اليد. للتغلب على شعور الطفل بالإحباط بسبب سوء خطه، شجعه على الاستمتاع بالكتابة، واستخدم الكمبيوتر في الطباعة إذا أمكن ذلك.
7- بعض الأطفال المصابين بالتوحد يتعلمون القراءة بسهولة أكبر إذا استخدموا طريقة تعلم الحروف أولاً، بينما يتعلم البعض الآخر باستخدام الكلمات دون تعلم الحروف أولاً.
8- بعض الأطفال لديهم حساسية ضد الأصوات المرتفعة، ولذلك يجب حمايتهم من الأصوات المرتفعة (كصوت جرس المدرسة مثلاً)، أو صوت تحريك الكراسي بحكها في الأرضية. ويمكن التقليل من صوت تحريك الكراسي بوضع سجادة فوق أرضية الفصل.
9- تسبب الأضواء العاكسة (الوهاجة) fluorescent lightsبعض الإزعاج لبعض الأطفال المصابين بالتوحد. ولتجنب هذه المشكلة، ضع طاولة الطفل قرب النافذة، أو تجنب استخدام الأضواء العاكسة.
10- بعض الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من فرط الحركة أيضاً (hyperactivity)، حيث يتحركون كثيراً، ويمكن التغلب على ذلك إذا تم إلباسهم صدرية أو معطف ثقيل يقلل من حركتهم (بوضع أكياس رز أو فول مثلاً لتزيد من وزن الصدرية أو المعطف). كما أن الضغط الناتج عن الوزن قد يساعد على تهدئة الطفل. ولأفضل النتائج يجب أن يرتدي الطفل الصدرية لمدة عشرين دقيقة، ثم يتم خلعها لبضع دقائق.
11- يستجيب بعض الأطفال المصابين بالتوحد بشكل أفضل ويتحسن الكلام عندهم إذا تواصل المعلم معهم بينما هم يلعبون على أرجوحة أو كانوا ملفوفين في سجادة.. فالإحساس الناجم عن التأرجح أو الضغط الصادر من السجادة قد يساعد على تحسين الحديث. لكن يجب أن لا يُجبر الطفل على اللعب بالأرجوحة إلا إذا كان راغباً بذلك.
12- بعض الأطفال والكبار المصابين بالتوحد، ممن يستخدمون التواصل غير اللفظي، لا يستطيعون معالجة المعلومات الداخلة عن طريق الرؤية والسمع في نفس الوقت، وذلك لا يستطيعون الرؤية والسمع في نفس الوقت، ولذلك يجب ألا يطلب منهم أن ينظروا وينصتوا في نفس الوقت.
13- تعتبر حاسة اللمس، عند كثير من الأشخاص المصابين بالتوحد ممن يستخدمون التواصل غير اللفظي أكثر الحواس فاعلية. ولذلك يمكن تعليمهم الحروف بتعويدهم على لمس الأحرف المصنوعة من البلاستيك. كما يمكن أن يتعلموا جدولهم اليومي بلمس الأشياء الموجودة على الجدول قبل بضع دقائق من موعد النشاط. فمثلاً قبل 15 دقيقة من موعد الغداء قدم للشخص ملعقة ليمسكها.
14- في حال استخدام الحاسوب في التعليم، حاول وضع لوحة المفاتيح في أقرب مكان إلى الشاشة، حيث إن بعضهم قد لا يدرك أن عليه أن ينظر إلى الشاشة بعد الضغط على أحد المفاتيح.
15- من السهل بالنسبة لبعض الأشخاص ممن يستخدمون التواصل غير اللفظي الربط بين الكلمات والصور إذا رأوا الكلمة مطبوعة تحت الصورة التي تمثلها. وقد يجد بعض الأشخاص صعوبة في فهم الرسومات، حيث يفضلون استخدام الأشياء الحقيقية والصور في البداية.
16- قد لا يدرك بعض الأشخاص المصابين بالتوحد أن الكلام يستخدم كوسيلة للتواصل. وذلك فإن تعلم اللغة يجب أن يركز على تعزيز التواصل. فإذا طلب الطفل كوباً فأعطه كوباً، وإذا طلب طبقاً بينما هو يريد كوباً، أعطه طبقاً. حيث يحتاج الطفل أن يتعلم أنه حينما ينطق بكلامٍ ما، فإن ذلك يؤدي إلى حدوث شيء ما.
17- قد يجد كثير من الأشخاص المصابين بالتوحد صعوبة في استخدام فأرة الحاسوب، ولذا حاول استخدام أداة أخرى لها زر منفصل للضغط، كالكرة الدائرية.حيث يجد بعض الأطفال المصابين بالتوحد، ممن يواجهون مشاكل في التحكم العضلي، صعوبة في الضغط على الفأرة أثناء مسكها.
بقلم / حسام فتوح عبد السلام
مركز سيدرا لذوي الاحتياجات الخاصة بعجمان
أعجبك المحتوى؟ شاركه مع أصدقائك!